هو ذلك الطفل الصغير الذي تلده أمه مغلفاً ببرنس الموهبة. يأتي إلى هذه الدنيا محملاً، من ربّه، بآلاف القصائد، وما عليه سوى أن يهديها لبني الانسان، طوال رحلته مع الحياة..
هو الذي تقض القصيدة مضجعه، وتأبى إلا أن تنسكب على الورق صوراً شعرية ولا أجمل، دون أن يفكّر بوزن، أو أن يفتّش على قافية. هي التي تختار وزنها وقوافيها دون الرجوع اليه.
هو الذي أجبر النقّاد على اتباع خطواته الابداعية، كي يزنوا أشعاره، ويفبركوا، من وحيه طبعاً، الاوزان والتفعيلات، التي يلجأ إليها من ليس بشاعر، كي ينظم قصيدة، تأتي بلا روح، لأنها لم تأتِ من موهبة إلهية.
الشاعر الشاعر، هو الذي يفرح بكل رائعة جيدة ألقاها شاعر، في مناسبة شارك فيها، واعتبرها أروع من قصيدته.. لأن الابداع حق، والحق لا يعلى عليه.
الشاعر الموهوب حقاً، لا يقلل من موهبة شاعر آخر، ولا يدعي أن الله خلقه ولم يخلق أحداً سواه، لأن الموهبة قداسة، كونها هبة إلهية، لا تكتمل إلا بالتواضع والاحترام.
الشاعر إنسان حساس، إذا أحب تغزّل، وإذا بكى أبكى، وإذا فرح تغنّى، وإذا غضب يتطاير الشرر من بين أبيات قصيدته. ومن يدري فقد يتسبب بثورة إجتماعية أو وطنية أو إنسانية. كلمته الصادقة تحرّك الشعوب من أجل الخير، ليس إلا.
الشاعر هو ابن بيئته، فإذا عاش في الوطن ترك من الوطنيات الشيء الكثير، وإذا عاش في الغربة، ترك لحنينه الى الوطن العنان، لدرجة قد يخجل الألم من آلامه، أما إذا عانى الفقر، وهذا ما يحدث وللأسف، فقد يتخذ من فقره قوة، تجعله يصرخ بأعلى صوته بوجه الحاكم الظالم، دون أن يرتجف لسانه.
الشاعر، وباختصار شديد، هو نعمة من عند الله، إذ لم تغنِ حنجرة فنان لولاه، ولم يغفُ طفل في حضن أمه بدون ترنيمانه، ولم تدخل فتاة الحياة الزوجية بدون غزلياته. لذلك وجب على الجميع احترامه وتقديره وتخليد ذكره.. ليس من أجله، بل من أجل خالقه الذي أرسله الينا موهوباً ومبدعاً.
فإلى كل شاعر شاعر أرفع قبعتي. حماه الله.
دائما شاعر الشاعر شربل بعيني.
ردحذف